شفق نيوز / تتحول مدينة كربلاء سنويًا إلى مركز جذب عالمي لأحد أكبر التجمعات البشرية في العالم، حيث يتقاطر ملايين الزوار من العراق وخارجه لإحياء ذكرى الأربعين، إحياءً لذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
تستعد الطرق الجوية والبرية في العراق لاستيعاب هذا التدفق البشري الهائل، الذي غالبًا ما يتجاوز 20 مليون زائر. وكما في السنوات الماضية، وضعت الحكومة العراقية خطة أمنية وخدمية وصحية شاملة لمنع أي طارئ.
إحياء الأربعين وتدفق الزوار
تُعد الأربعين مناسبة دينية تحييها الأغلبية الشيعية في العراق، وتمثل اليوم الأربعين بعد استشهاد الإمام الحسين في معركة كربلاء عام 680 ميلادي. وفي العاشر من شهر صفر من كل عام، يتوافد الملايين إلى كربلاء رغم درجات الحرارة التي تتجاوز 40 درجة مئوية، لزيارة مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس في قلب المدينة.
في عام 2022، سُجلت رسميًا مشاركة حوالي 21 مليون زائر، بينما بلغ عدد الزوار في أربعينية 2023 حوالي 22,019,146 زائرًا حسب إحصائيات العتبة العباسية، وكان الإيرانيون يشكلون أكبر نسبة من الزوار الأجانب بعدد بلغ 4 ملايين.
أما في عام 2024، فقد صرّح العميد مقداد ميري، المتحدث باسم اللجنة الأمنية العليا للأربعين، لوكالة شفق نيوز بأن أكثر من 2.7 مليون زائر أجنبي دخلوا العراق عبر المنافذ البرية والجوية حتى يوم أمس. أما عدد الزوار العراقيين فسيُعلن عنه بعد انتهاء الزيارة.
ونظرًا لهذا التدفق الهائل، تم إعداد خطة محكمة لتفادي أي حوادث أو اختناقات.
خطة أمنية وخدمية فعّالة
تُدار زيارة الأربعين لعام 2024 في كربلاء ضمن خطة أمنية وخدمية عالية الكفاءة، وقد تم اعتبارها الأفضل مقارنة بالسنوات السابقة، إذ لم تُسجل حتى الآن أي مشاكل تتعلق بالأمن أو الصحة أو النقل، مع انخفاض ملحوظ في حوادث المرور وغياب شبه تام لحوادث الحريق.
وأشار العميد ميري إلى أن الخطة بدأت قبل عدة أشهر، ومرت بثلاث مراحل: المرحلة الأولى كانت عمليات استباقية بدأت منذ ستة أشهر ولا تزال مستمرة، والمرحلة الثانية كانت اختبار وتقييم القطاعات ميدانيًا، أما المرحلة الثالثة فهي التنفيذ الفعلي الجاري حاليًا.
وأكد أن القوات الأمنية تولت السيطرة على المنطقة في 5 آب/أغسطس، وستبقى حتى مغادرة آخر زائر من كربلاء. وتتضمن الخطة تنسيقًا واسعًا بين وزارتي الدفاع والداخلية، وهيئة الحشد الشعبي، ووزارات خدمية أخرى، وجميعها "ملتزمة بالكامل بإنجاح هذا الحدث الضخم".
وأوضح ميري أن الإجراءات الأمنية تسير وفق الخطة، مع تسجيل حوادث مرورية أقل من السنوات السابقة، وعدم وجود أي اختراق أمني حتى الآن. وللمرة الأولى، نجحت وزارة الداخلية في دمج أنظمة الرادار ضمن الخطة الأمنية، في إنجاز يُعد سابقة.
خطة النقل
وضعت وزارة النقل خطة نقل واسعة لدعم الزائرين خلال الأربعين.
وصرّح المتحدث باسم الوزارة، ميثم الصافي، بأن الوزارة وفّرت 300,000 مركبة خاصة، و650 حافلة لنقل الركاب والوفود، و130 شاحنة للدعم اللوجستي من الشركة العامة للنقل البري. كما تم تخصيص 350 حافلة إضافية لنقل الزوار من المنافذ الحدودية إلى كربلاء.
وأشار الصافي إلى أن ثلاث مطارات رئيسية تستقبل الزوار: البصرة، النجف، وبغداد. وشهدت بغداد زيادة ملحوظة في عدد الرحلات (74 رحلة)، تلتها النجف (102 رحلة)، بينما كانت رحلات البصرة أقل بسبب بُعدها الجغرافي.
كما خصصت الخطوط الجوية العراقية 26 طائرة، إلى جانب مساهمات من جهات أخرى.
أما بخصوص السكك الحديدية، فقد تم تنفيذ 18 رحلة قطار من البصرة إلى كربلاء و10 رحلات من بغداد إلى كربلاء، وكلها تسير بسلاسة حتى الآن.
خطة الصحة
أطلقت دائرة صحة كربلاء بالتعاون مع وزارة الصحة والحكومة المحلية خطتها الصحية قبل ثمانية أيام من الزيارة.
وأوضح المتحدث باسم الدائرة، محمد طوفان، أن الخطة تركز على ثلاثة محاور رئيسية: محور كربلاء-بغداد، ومحور كربلاء-بابل، ومحور كربلاء-النجف.
وتم تخصيص ثمانية مؤسسات حكومية وخمسة مستشفيات خاصة تعمل على مدار الساعة، إلى جانب أكثر من 150 مركزًا تخصصيًا، و216 سيارة إسعاف لخدمة الزوار في أي وقت.
كما تشمل الخطة 20,000 موظف صحي يعملون ليلًا ونهارًا، مدعومين بـ143 فريق استجابة سريعة للتعامل مع الحالات الطارئة في المواقع الصعبة، و78 فريقًا متنقلًا للتوعية العامة وفحص سلامة الأغذية في المطاعم والمواكب.
وحتى اليوم، قدمت الدائرة خدماتها لأكثر من 2.7 مليون زائر، وشملت الخدمات الصحية أكثر من 156,000 معاينة طبية، وأكثر من 59,000 فحص طبي، و59,000 وحدة دم متبرع بها، كما أجرت الكوادر الطبية 958 عملية جراحية وساعدت في 525 حالة ولادة، معظمها داخل كربلاء.
وأشاد طوفان بدعم العتبتين المقدستين، ووحدات الطب التابعة للحشد الشعبي، ونقابة التمريض، التي ساعدت أكثر من 194,000 زائر، إلى جانب جهود الوحدات الطبية المتنقلة وسكان المدينة، دون تسجيل أي خروقات صحية حتى الآن، ما يعكس نجاح الخطة الصحية الشاملة.