شعبة الدراسات التخصصية في زيارة الأربعين

طريق العلماء.. من تراث الأربعين

نشر في 2025-08-14 05:51:12
طريق العلماء.. من تراث الأربعين

بين ظلال النخيل، وظلم الليل، وعلى ضفاف نهر الفرات، سار علماؤنا والزوّار الأوفياء، في طريقٍ مختلف عن باقي الطرق... إنه طريق الإيمان والصبر، المعروف باسم "طريق العلماء".

سُمّي بهذا الاسم لأنه كان الطريق الذي يسلكه العلماء ( أساتذة الحوزة العلمية ) وبعض الزائرين المخلصين سرًّا، في زمن كان فيه النظام السابق يمنع الزيارة، ويُلاحق الزائرين.

يمر هذا الطريق بين بساتين النخيل الكثيفة، من النجف إلى كربلاء، وكان علماؤنا، مثل السيد محمد باقر الحكيم والسيد محمد باقر الصدر ( طيب الله ثراهم ) وغيرهم، يسيرون فيه ليلًا بعيدًا عن الأنظار، رغم الخطر الكبير. حيث إنّ من يسلكه لم يكن يعلم إن كان سيعود سالمًا، أم يُستشهد في الطريق.

 

وكان خدّام الإمام الحسين عليه السلام، الذين تقع بيوتهم قرب هذا الطريق، يتكاتفون فيما بينهم لخدمة الزائرين في الطريق سرّاً، يُضيئون الدرب بالمشاعل، ويقدّمون الطعام والمبيت للزائرين، في عمل سري وشجاع.

واليوم، نحن نمشي في هذا الطريق نفسه، لكن بكل حرية، أمام أعين الملايين، من دون منع أو خوف. وهذا من نعم الله التي نشكره عليها.

لكن علينا أن ننتبه... فالحرب على الزيارة لم تنتهِ. سابقًا كانت حربًا بالسلاح، واليوم أصبحت حربًا فكرية. والرد على هذه الحرب لا يكون إلا بالوعي، وبالعقيدة الصحيحة، وبالرجوع إلى أهل العلم والمعرفة.

أصبح "طريق العلماء" اليوم جزءًا من تراث الزيارة، يفتخر به الزوّار، ويتذكرون فيه تضحيات العلماء وخَدَمة الحسين عليه السلام الذين سبقونا في هذا الطريق.

"فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا."