سلسلة "مقتبسات من دراسات وبحوث مؤتمر الأربعين"
قدّم الباحثان أ.د. بشير هادي عودة و م.م. مريم فوزي فرهود بحثًا قيمًا ضمن أعمال المؤتمر العلمي الدولي التاسع لزيارة الأربعين المباركة الذي انعقد في كربلاء المقدسة للفترة من 18-19/8/2025، تناولا فيه تجسيد المنطلقات التنموية لزيارة الأربعين المباركة من خلال الانضباط الديني والخلقي والتربوي الذي يلتزم به الزوّار في تعاملهم مع مختلف المتغيرات والظواهر الإنسانية أثناء أيام الزيارة.
ويرى الباحثان أن هذه المعطيات الدينية والإنسانية تمثل انعكاسًا واقعيًا لمبادئ التنمية البشرية المستدامة التي نصّ عليها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، مما يجعل زيارة الأربعين نموذجًا حيًا لتجسيد القيم الدينية في أطر تنموية وإنسانية عالمية.
البحث
اهتم البحث بإبراز حيثيات التنمية البشرية المستدامة ومدى توافق منطلقاتها مع معطيات الزيارة الأربعينية المباركة، فالرؤية الإنسانية لمنهج الثورة الحسينية الإصلاحي قد أنصب على بناء مجتمع إسلامي فاضل يسوده العدل والخير والإخاء بين الناس، وينبذ جميع أشكال الظلم والجور والعدوان والتطرف, ومن هنا تسعى الدراسة إلى بيان إن زيارة الأربعين هي تجديد وتأكيد للعهد مع أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) للتخلص من براثن الظلم الذي حل بالبشرية نتيجة لانعدام العدل والإنصاف الذي ولد التخلف والتهميش الإنساني والتدهور الاقتصادي والاجتماعي وتدهور البيئة الذي تواجهه جميع بلدان المعمورة، ولا يزال التدهور الاقتصادي والاجتماعي والبيئي شاخصاً في المجتمع العراقي وأبرز البلدان الإسلامية، بالرغم من حجم المد الشيعي العالمي الذي أحدثته الزيارة الأربعينية المليونية، فما تقدمه هذه الزيارة من رسائل في التنمية البشرية المستدامة كبير جداً عبر التعاون والتكافل وموائد الخير والمحاضرات الدينية التي توفرها المواكب الحسينية طيلة مدة الزيارة وفي جميع الأصقاع والمدن التي يمر بها الزوّار، بيد أن المعالجات الجذرية لبلوغ أهداف التنمية البشرية المستدامة ترتبط أيضاً بالجهود السياسية والحكومية للدول الإسلامية التي انشغلت بمغانم السلطة وابتعدت عن منهج الثورة الحسينية.
وعليه فلا مناص من التأكيد على دور وأهمية إحياء الزيارة الأربعينية والثبات على قيم الثورة الحسينية في مواجهة الفكر الأموي التكفيري والاستبداد الإمبريالي العالمي، وبيان الأسس المفاهيمية للتنمية البشرية المستدامة ومدى ترابط منطلقات البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة مع معطيات الزيارة الأربعينية، ومحاولة استحضار القيم التنموية للثورة الحسينية كثورة إصلاحية ضد الظلم والطغيان العالمي، وما قدمه الإمام الثائر (عليه السلام) للإنسانية جمعاء من قيم ومبادئ في السلم المجتمعي، وإبراز أهمية السير على نهج الإمام الحسين (عليه السلام) لتحقيق متطلبات التنمية البشرية المستدامة، وتقويم المجتمع دينياً وخلقياً عبر تجديد العهد بالزيارة الأربعينية.
المقترحات: -
وقد أوصى الباحثان من خلال الدراسة بالمقترحات التالية: -
1 – مطالبة وزارة التخطيط - الجهاز المركزي للإحصاء بإعداد استمارات إحصائية تفصيلية عن عدد الزائرين العراقيين وأصحاب المواكب الحسينية العراقية من أجل تكوين قاعدة معلوماتية عن الموارد البشرية التي يمكن الاستفادة منها في الخطط والبرامج التنموية للبلد.
2- إعداد برنامج حكومي للتنمية البشرية المستدامة يرتبط بالموارد البشرية المشاركة بالزيارة الأربعينية، باعتبار أن المشاركين بالزيارة الأربعينية هم من العراقيين النشطين اقتصادياً.
3- التركيز على ضرورة إجراء الانتخابات الديمقراطية في عملية اختيار النخب الإدارية والقادة المعنيين بإعداد السياسات الاقتصادية والبرامج العامة لخطط التنمية البشرية المستدامة في البلاد.
4 – ضرورة تعزيز الجوانب الأمنية للدولة على غرار الخطط التي تُعد لتأمين زوار الأربعين من قبل وزارتي الداخلية والدفاع، من أجل استتباب الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق.
5 – الاهتمام بالجوانب الإعلامية المسموعة والمرئية في أعداد برامج التنمية البشرية، والخطط التأهيلية المزمع الشروع بها مستقبلا، وإلزام هذه البرامج بعكس ما أفاضت به الزيارة الأربعينية من دروس وصور تنموية عبرت عن أصدق معاني الولاء للدين والوطن وللمبادئ التي قامت من أجلها ثورة الامام الحسين (عليه السلام).