سفينةٌ تُحمل على أكُفِ الطوفان
ان الطوفان يخلق دوامة تتغير فيه حركة الماء، كذلك الأربعين؛ وهذا السيل البشري الجارف يخلق دوامة روحية تتغير فيها؛ ليس حركة الأبدان فقط بل حركة الأرواح، في حركة الطوفان يُخلق دوامات ما يجعله يمتد لآلاف الكيلو مترات.
كذلك طوفان الأربعين، فهو يخلق اهتزازات روحية تغربل فيها العوالق، وتنظف الروح فيها، وتتساقط اللِمَم عند كل خطوة تخطوها.
نعم؛ إن لطوفان الماء عَرامة و اضطراب، لكن طوفان الأربعين على العكس، يحمل هدوءاً و اطمئناناً لا مثيل لهما، فكأنه بساط يحملك إلى حيث تحط رحلك عند الحسين، عليه السلام، فكأن الحسين يرسل لك كما نقول “معازيب” لتصل معززا مكرما، وسالما غانما، ثم تصل مثقلا بهمومك، لا بعناء الطريق فتسيل دموعك عند إذ يكفكفها لك، ويزيل لك همومك ويعطيك مرادك و يُطمئنك مرة أخرى.
هذا ما يناله زائر الحسين، عليه السلام، فكيف بخادم الحسين، وهم بذلك مثلما قلنا “معازيب مضيف الحسين”؟
فكما يفخر زائر الحسين ويزيد في ذلك درجة من المعرفة عندما يكون زائراً عارفاً بحقه، كذلك يفخر خادم الحسين، و يزيد في ذلك درجة من الخدمة أن يكون “معزّباً”
و ان يعرف زوّار من يخدم؟
زوار مَن سفينتهُ أوسع، وفي لُجج البحار أسرع.
وكأن لهذه السفينة هجرة في كل عام تمر من كل البقاع والأمصار، فتركب زائراً مرة، وخادما أخرى.
ولا نبالغ عندما نقول إن هذه السفينة تحمل أكثر مما حملته سفينة نوح، عليه السلام، حمل فيها من كل نوع زوجين، أما سفينة الحسين فهي تحمل أعداداً لا تُحصى.
تلك هي الهجرة الحقيقية، وتلك هي النجاة التي لا يخيب معها السعي، ولا تضيع فيها الدموع، بل تُكتب في سجلّ من خُصّوا بالقرب… عند الحسين.
لكن السؤال الأهم؛ ماذا بعد الاربعين؟
ضرورة حمل هذا الطوفان إلى دوامة الحياة.
لتبقى ذكرى الأربعين ليست محطة نهاية، بل بداية جديدة، تكون فيها حركة الروح في تغيير إيجابي دائم، متضمنة ديمومة العمل، فتضفي له الحيوية، والتجدد، ونكون بذلك مع الحسين في كل يوم، ومع منهج الحسين في كل موقف.
مانشيت: إن لطوفان الماء عَرامة و اضطراب، لكن طوفان الأربعين على العكس، يحمل هدوءاً و اطمئناناً لا مثيل لهما، فكأنه بساط يحملك إلى حيث تحط رحلك عند الحسين، عليه السلام.https://al-hodaonline.com/article/63675/